أنواع المنظفات الصناعية وتركيبها

– فى هذا الموضوع سيتم مناقشة تاريخ ظهور المنظفات الصناعية و أنواع المنظفات الصناعية وتركيبها وأضرارها وقدرتها على التنظيف.

تاريخ ظهور المنظفات الصناعية

– عندما توصل الإنسان إلى فهم الطريقة التي يعمل بها الصابون في التنظيف، وفي إزالة الأوساخ فكر بعض العلماء في البحث عن مواد جديدة لها نفس الفعل المنظف للصابون، أو فعل مشابه له.

– كان أول من لاحظ أن هناك مركبات أخرى لها فعل مشابه للصابون باحث ألمانی بدعی کرافت (A. Kraft) ، فقد لاحظ عام 1890، أن بعض الأحماض العضوية المحتوية على مجموعة حمض السلفونيك، تعطى عند تفاعلها مع الكحولات طويلة السلسلة، إسترات تكون رغوة عالية مع الماء مشابهة في ذلك للصابون.

– قبل ذلك بزمن طويل كان (فريمي Fremy) أول من قام بتحضير محاليل لها القدرة على التنظيف، وذلك عندما قام بمعاملة زيت الخروع وزيت الزيتون بحمض الكبريتيك المركز، ثم قام هو ومن جاء بعده من الكيميائيين باكتشاف أن معاملة المواد الناتجة من سلفنة هذه الزيوت ببعض القلويات، تعطى محاليل لها قدرة عالية على التنظيف، واستخدمت بعد ذلك في تنظيف النسيج قبل صباغته.

– وقد تطورت هذه العمليات وتم عن طريقها صنع (الزيت التركي الأحمر) Turkey Red Oil بسلفنة زيت الخروع بحمض الكبريتيك، وما زال هذا الزيت الأحمر مستعملاً حتى اليوم كعامل مساعد على البلل في كثير من العمليات الصناعية، وبخاصة في عمليات دباغة الجلود.

– وعندما قامت الحرب العالمية الأولى، قام الحلفاء بقطع الإمدادات البحرية عن ألمانيا، وأدى ذلك إلى حدوث نقص شديد في أنواع الزيوت والدهون المطلوبة لصنع الصابون، وكان ذلك حافزاً دفع العلماء الألمان إلى البحث عن بدائل أخرى للصابون.

– وقد تمكنت شركة أ. ج. فارین I. G. Farbenindustrie الألمانية من إنتاج بديل للصابون بتفاعل بعض الكحولات الأليفانية ذات السلاسل الهدروكربونية الطويلة، مع حمض الكبريتيك، لتكوين أنواع مختلفة من كبريتات الألكيل.

– وقد تبين أن أملاح الصوديوم لهذا النوع من كبريتات الألكيل يكون رغوة جيدة مع الماء وله فعل مشابه لفعل الصابون، وبذلك تمكن الألمان من تحضير أول منظف صناعى فى ذلك الحين وأطلقوا عليه اسم نال (Nekal)، وكان يفوق الصابون في قدرته على التنظيف.

– وفي عام 1925 بعد الحرب العالمية الأولى استخدم في بريطانيا الزيت الناتج من تقطير الطفل البتيومينى فى تحضير مواد مشابهة للصابون. وقد كان هذا الزيت يحتوى على قدر من بعض المركبات الأوليفينية التي يصل عدد ذرات الكربون في جزيئاتها إلى عشر ذرات أو عشرين ذرة (C10 – C20)، أي أنها أوليفينات طويلة السلسلة، وحضرت منها كبريتات ألكيل عند معاملتها بحمض الكبريتيك .

– وقد طرحت هذه المواد في الأسواق على هيئة سوائل منظفة، كما حضرت منها بعض المعاجين بخلطها ببعض المواد المالئة واستخدمت في كثير من عمليات التنظيف الصناعية.

– وفي عام 1930 تمكنت شركة شل من صنع منظف صناعي من كبريتات الألكيل، عرف باسم (تيبول Teepol)، وإن كان إنتاجه الحقيقي لم يبدأ إلا في عام 1942 في أثناء الحرب العالمية الثانية لاستخدامه بديلاً للصابون.

– ونظراً لندرة الكحولات الاليفاتية طويلة السلسلة وارتفاع تكاليف الحصول عليها بغرض استخدامها في صنع المنظفات الصناعية، فقد قام الألمان في أثناء الحرب العالمية الثانية باستخدام بعض الهيدروكربونات طويلة السلسلة لهذا الغرض. وقد نجح الألمان في سلفنة هذه الهيدروكربونات بواسطة حمض الكبريتيك واستخدموا سلفونات الألكيل الناتجة في صنع أنواع من المنظفات الصناعية.

صناعة المنظفات الصناعية من الكحولات

– كذلك أمكن استخدام غاز التخليق (الغاز المائي) ، وهو خليط من غازى الهدروجين وأول أكسيد الكربون في صنع بعض الكحولات التي استخدمت فيما بعد في صنع المنظفات الصناعية .

– تتكون هذه الكحولات من غاز التخليق عند زيادة نسبة ما به من غاز أول أكسيد الكربون، ثم معاملته بالضغط والحرارة فى وجود عامل مساعد مناسب . وعادة ما ينتج فى هذا التفاعل بعض الأولفينات وبعض البرافينات وقليل من الكيتونات ولكن أهم نواتجه هى الكحولات ذات السلاسل الطويلة والتي تحتوى جزيئاتها على 12 – 18 ذرة من ذرات الكربون واستخدمت هذه الكحولات في
صنع المنظفات الصناعية.

– أما الكحولات الأخرى الناتجة من هذا التفاعل والتي يصل عدد ذرات الكربون في جزيئاتها إلى نحو 8 – 11 ذرة من ذرات الكربون، فلم تكن تصلح لصنع المنظفات، ولكنها استخدمت في صنع بعض المواد الملدنة التي تستخدم في صناعة اللدائن.

صناعة المنظفات الصناعية من مادة سلفونات دوديسيل البنزين

– حضرت بعد ذلك منظفات أخرى مختلفة التركيب، ولكن أكثر هذه المواد شيوعاً هى مادة سلفونات دوديسيل البنزين Dodecylbenzene Sulphonate، وهى تستخدم حاليا في أغلب المنظفات الصناعية المعروفة اليوم.

– تحضر مادة الدوديسيل بنزين من غاز البروبيلين الذي ينتج من عمليات تكسير بعض المقطرات البترولية، وذلك ببلمرة البروبيلين بطريقة خاصة تسمح بتكون البوليمر الرباعي، أى البوليمر المتكون من اتحاد أربعة جزيئات فقط من البروبيلين، ويعرف باسم (ترامر Tetramer).

– يفصل هذا البوليمير بالتقطير ، ثم يفاعل مع البنزين في وجود عامل مساعد مثل كلوريد الألومنيوم اللامائي، لتكوين مركب دوديسيل بنزين الذي يعامل بعد ذلك بحمض الكبريتيك المركز لتكوين سلفونات دوديسيل البنزين.

– تعادل السلفونات الناتجة بهيدروكسيد الصوديوم لتكوين الملح الصوديومى للسلفونات، وهو المنظف الصناعى المستعمل في أغلب مساحيق وسوائل التنظيف المطروحة حاليا بالأسواق وله فعل يفوق فعل الصابون في التنظيف.

– قد ظهر أول منظف صناعى معـد للاستخدام في آلات الغسيل الأوتوماتيكية عام 1946 باسم (تايد Tide)، وما زال هذا المنظف مستعملاً حتى اليوم، وتميز بأن رغوته فى الماء ،محدودة، رغم قدرته العالية على التنظيف.

– تقوم كثير من الدول حالياً بإنتاج ملايين الأطنان من المنظفات الصناعية، وهي تباع في الأسواق تحت أسماء مختلفة، ومنها ما هو سائل، ومنها ما هو على هيئة مسحوق يحتوى على كثير من الإضافات.

قدرة المنظفات الصناعية على التنظيف

– تتصف المنظفات الصناعية بأنها تقلل من التوتر السطحي، وتساعد على تشتيت المواد الدهنية والأوساخ التي تعلق بالملابس بيسر وسهولة.

– يشبه فعلها المنظف فعل الصابون المعتاد، لأن جزيئاتها بها طرف محب للماء وهي مجموعة السلفونيك، وبها طرف آخر كاره للماء وهو الجزء الهدروكربوني الذي يعلق بالدهن ويحمله معه عند الغسل بالماء.

أنواع المنظفات الصناعية

– هناك حالياً نوعان من أنواع المنظفات الصناعية من المواد ذات النشاط السطحي التي يمكن استخدامها كمنظفات، يعرف النوع الأول منها باسم المنظفات الأيونية، وهي المواد التي تعطى أيونات في الماء، ويعرف النوع الثاني منها باسم «المنظفات غير الأيونية»، وهي لا تعطى أيونات في الماء.

(1) المنظفات الإيونية

– المنظفات الأيونية، وهي المواد التي تعطى أيونات في الماء.

– تنقسم المنظفات الأيونية إلى قسمين تبعا لنوع الأيونات الناتجة منها في الماء.

(أ) المنظفات الأنيونية

– تعطى أيونات سالبة في الماء، أى تحمل شحنة سالبة وتعرف بالأنيونات، ولهذا تعرف هذه المنظفات باسم المنظفات الأنيونية.

– من أمثلتها أملاح الأحماض الدهنية طويلة السلسلة كما في الصابون، وكذلك أملاح سلفونات الألكيل أو كبريتات الألكيل ذات السلاسل الهدروكربونية الطويلة.

– يلاحظ أن الأيونات السالبة أى الأنيونات هى التى تقوم بالفعل المنظف وهي التي تزيل الأوساخ.

(ب) المنظفات الكاتيونية

– أما القسم الثانى من المنظفات الأيونية فيعرف باسم (المنظفات الكاتيونية) لأنها تعطى كاتيونات فى الماء، أى أيونات تحمل شحنة موجبة.

– من أمثلتها بعض المواد التي تتأين معطية أيونات الكلور أو أملاح الأمونيوم الرباعية المتصلة بسلسلة طويلة من ذرات الكربون تتكون من نحو 12 – 18 ذرة مثل كلوريد الكيل (بولى إيثوكسي) إثيل ثلاثى مثيل أمونيوم.

– يلاحظ كذلك أن الكاتيونات الناتجة من هذا النوع من المنظفات هي التي تقوم بالفعل المنظف.

– كما يلاحظ أن بعض المنظفات من الأنواع السابقة لها فعل مطهر، ولذلك قد يستعمل بعضها لهذا الغرض.

(2) المنظفات غير الأيونية

– كذاك أحد أنواع المنظفات الصناعية هو المنظفات غير الأيونية هي لا تعطى أيونات في الماء.

– من أمثلتها إيثوكسيلات الكحولات، وإيثوكسيلات الكيل الفينول وإسترات الأحماض الدهنية وبعض البولي جلايكولات.

– هناك كذلك أنواع من المنظفات غير الأيونية تحضر من السكر مثل ستيارات السكر وثنائى ستيارات السكر وكذلك لورات السكر، وحمض اللوريك (حمض دهني يفصل من زيت جوز الهند).

– تتميز هذه المنظفات بأنها تعطى رغوة منخفضة فى الماء.

– كما أنها تحضر من مواد ليس لها أثر ضار على الإنسان أو على البيئة مثل السكر أو الأحماض الدهنية.

– تستعمل كمواد تنظيف في صناعة مواد التجميل وبعض التحضيرات الدوائية.

– يلاحظ أن مجموعات الهدروكسيل فى جزىء السكر لها صفات مجموعات الهدروكسيل بجزىء الكحولات ولهذا تتفاعل مع الأحماض الدهنية بنفس الأسلوب معطية منظفات تشبه إسترات الأحماض.

تركيب المنظفات الصناعية

– لا تستعمل المادة المنظفة وحدها عادة ولكن تضاف إليها بعض المركبات الكيميائية الأخرى التي تخدم أغراضا أخرى ولكل منها دور معين في عملية التنظيف.

– عادة ما تمثل المادة المنظفة نحو 20 % من وزن المسحوق المنظف التجاري، على حين يتكون الباقي من خليط من بولى فوسفات الصوديوم وكبريتات الصوديوم وسليكات الصوديوم وهى تساعد في عمليات التنظيف.

– كذلك يضاف مركب كربوكسي مثیل سليولوز CMC، وهو سليولوز حلت فيه مجموعات کربوکسی مثیل [ CH₂-COONa] محل بعض ذرات الهدروجين وهو يساعد على الاحتفاظ بالدهون والأوساخ معلقة في المحلول، ويمنع إعادة ترسيبها مرة أخرى على سطح النسيج.

– يتضح من ذلك أن المنظفات الصناعية التي نستخدمها كل يوم هي في حقيقة الأمر خليط من عدة مواد عضوية وغير عضوية، ويتبين ذلك من الجدول كما يلي:

– يلاحظ من الجدول السابق أنه قد تضاف إلى المنظفات في بعض الأحيان إنزيمات خاصة للمساعدة على التخلص من بعض الأوساخ التي تتكون من مواد بروتينية أو مواد نشوية.

– كذلك تضاف إلى هذه المنظفات مواد خاصة تعرف باسم (المواد المزهية للألوان) (Brightners).

– كانت شركة .أ. ج. فاربن الألمانية أول شركة تسجل استعمال هذه المواد، ثم قامت أغلب الشركات الأخرى المنتجة للمنظفات الصناعية بإضافتها إلى منتجاتها.

– تتكون هذه المواد المزهية من مشتقات مركب الاستلبين (Stilbene)، وهي تتميز بأن لها فلورية (Fluorescence) زرقاء عند تعرضها للأشعة فوق البنفسجية الموجودة بالضوء.

– تدخل المادة المزهية في ثنايا النسيج عند الغسيل، ولا تخرج منها عند شطف النسيج بالماء. وعندما تجف هذه الملابس وتتعرض للضوء تمتص هذه المواد الأشعة فوق البنفسجية، وتتوهج بلون أزرق فتبدو الملابس البيضاء ناصعة البياض، وتبدو الملابس الملونة زاهية الألوان.

أضرار استخدام المنظفات الصناعية

– الهدف الأساسي من استخدام المنظفات الصناعية هو المزيد من النظافة والمحافظة على صحة الإنسان ولكن ما يتبقى من هذه المنظفات في مياه الغسيل ويلقى في مياه الصرف أو في مياه المجارى المائية الطبيعية مثل الأنهار أو البحيرات، يدفع في هذه المياه بعديد من المواد الكيميائية ذات الأثر السام.

– هذه المواد تسبب ضرراً كبيراً للكائنات الحية التي تعيش فى هذه المياه، وقد يصل بعض هذه المواد مرة أخرى إلى الإنسان عن طريق مياه الشرب فتسبب له كثيراً من المتاعب والأضرار.

 

المراجع 

– كتاب الصناعات الكيميائية – الجزء الثالث – البترول والكيمياويات، الصابون الممظفات الصناعية. ، المطاط – د/ أحمد مدحت عبد السلام – القاهرة – دار الفكر العربي – الطبعة الأولى 1997.

– أسس الكيمياء الصناعية – د/ محمد مجدى واصل – القاهرة – دار الفجر للنشر والتوزيع – الطبعة الأولى 2005.

– الكيمياء الصناعية – الجزء الثاني – تكنولوجيا الصناعات الكيميائية العضوية. – د/ طارق إسماعيل كاخيا – الطبعة الأولى.