البترول : التركيب الكيميائي للبترول



البترول - التركيب الكيميائي للبترول

أهمية البترول

– كان الفحم في خلال القرن التاسع عشر يعد أهم مصدر من مصادر الطاقة التي يستخدمها الإنسان في حياته اليومية، فكان يستخدم في عمليات التدفئة، وفي إنتاج البخار لإدارة الآلات. كما كان يعد من أهم مصادر المواد الكيميائية التي يحتاجها الإنسان في ذلك العصر، وذلك عن طريق تقطيره إتلافياً بمعزل عن الهواء. وقد حل البترول بعد ذلك تدريجياً محل الفحم حتى صار من أهم المصادر المعروفة للطاقة في عصرنا الحديث.

– ترجع أهمية البترول في وقتنا الحالي إلى أنه يستخدم في كثير من المجالات، فتستخدم مقطراته المختلفة في تسيير وسائل النقل والمواصلات.

– كما يستخدم بعضها في إدارة محطات القوى وفى توليد الكهرباء، بالإضافة إلى أن هناك أكثر من ألفى مادة عضوية يمكن صنعها من البترول الآن.



– تنتج أغلب هذه المواد الكيميائية من بعض الغازات أو بعض مقطرات البترول بطرق بسيطة ومباشرة وهى تعرف باسم البتروكيميائيات (Petrochemicals)، وهى تدخل فى صنع كثير من المواد الهامة التي نستخدمها كل يوم مثل المطاط الصناعى والمنظفات الصناعية وسوائل التنظيف والمذيبات واللدائن والمخصبات الزراعية ومبيدات الحشرات وبعض الأدوية والأصباغ وغيرها.

– يمكن القول أن نصف ما نستخدمه اليوم من المواد العضوية والمركبات ترجع في أصولها إلى البترول.

اكتشاف البترول لأول مرة فى التاريخ

– قد عرف الإنسان زيت البترول منذ زمن بعيد، فقد عرفه الفرس على هيئة نز أسود اللون يخرج من بين صخور الأرض، واستعملوا القطران الكثيف المتبقى منه بعد تطاير أو تبخر أجزائه المتطايرة في البناء وفى تثبيت أحجار الأسوار المحيطة بالمعابد وبالمدن.

– ولاشك أن نار المجوس الخالدة، والتي قيل إنها لم تطفأ أبدا. كانت نتيجة لاشتعال بعض أبخرة هذا الزيت أو اشتعال بعض الغازات مثل الغاز الطبيعي المصاحب له. ولهذا اعتبرها المجوس ناراً مقدسة فأقاموا لها الشعائر وقدموا لها القرابين.

– كذلك ذكر الرحالة الشهير ماركو بولو أنه شاهد في أثناء الرحلة التي قام بها إلى الصين فى نهاية القرن الثالث عشر، زيتاً أسود اللون كريه الرائحة يتدفق من شقوق فى سطح الأرض بالقرب من بحر قزوين.



– قد قال أوائل المستكشفين لقارة أمريكا الشمالية أنهم وجدوا بركاً ضحلة من هذا الزيت الأسود. كما وجدوا بعضاً منه يطفو على سطح الماء في بعض المجاري المائية والخلجان.

– لم يعرف أحد من أين أتى هذا الزيت كما لم يعرف أحد قيمته الحقيقية في ذلك الحين حتى أنه كان يعتبر مصدر إزعاج لكثير من المزارعين الذين كانوا يحفرون الآبار بحثاً عن الماء، فكانوا يضيقون به لأنه يلوث الماء ويلوث أيديهم وملابسهم بلونه الأسود ورائحته الكريهة، فلم يكونوا يعرفون له فائدة في ذلك الحين.

– عندما عرف الناس أن هذا الزيت يقبل الاشتعال، ويمكن استخدامه وقوداً زاد الاهتمام به وكثر عليه الطلب.

– كانت أول بشر حقيقية حفرت لاستخراجه في مدينة تيتوس فيل (Titusville) في بنسلفانيا عام 1859م بواسطة مهندس أمريكي يدعى دريك (E.L. Drake).

– لم يزد إنتاج الولايات المتحدة من البترول عام 1860م على أكثر من 2000 برميل، وهو رقم يتضاءل كثيراً أمام الإنتاج العالمي الحالي من زيت البترول. وقد يصل إنتاج بعض وحدات التقطير في مصنع التكرير اليوم إلى أكثر من 100.000 برميل في اليوم الواحد.

التركيب الكيميائي للبترول

– قبل أن نتحدث عن صناعة البتروكيميائيات وإنتاج مختلف الغازات والمقطرات من البترول يجب أن نعرف شيئا عن التركيب الكيميائي للبترول .

– يتكون البترول الخام من خليط من أنواع مختلفة من المركبات العضوية ولكن أغلب هذه المركبات تتكون جزيئاتها من ذرات متصلة من الكربون مرتبطة ببعض ذرات الهدروجين ولهذا يطلق عليها اسم الهيدروكربونات .

– لا يعنى ذلك أن البترول الخام يتكون من هذه الهيدروكربونات فقط، فقد ثبت بالتحليل الكيميائي للأنواع المختلفة للبترول أن هناك عدداً قليلاً من العناصر الأخرى التي تشترك في تكوين مركبات أخرى خلاف الهيدروكربونات، وتوجد بعض هذه المركبات بنسب متفاوتة فى كثير من أنواع البترول. ومن أمثلة هذه العناصر : الأكسجين والنتروجين والكبريت بالإضافة إلى بعض العناصر الفلزية الأخرى.

– يختلف التركيب الكيميائي للبترول من حقل لآخر؛ وذلك لأن البترول ليس مركباً واحداً، ولكنه خليط من عدة مركبات.

– يمكن بصفة عامة تقسيم المركبات التي تدخل فى تركيب البترول الخام إلى الاقسام الآتية كما يلي:

  • مركبات برافينية
  • مركبات حلقية
  • مركبات أوليفينية
  • مركبات أخرى مثل مركبات الكبريت والأكسجين والنيتروجين.
  • مكونات معدنية

– سنقوم بشرح نبذة مختصرة عن كل نوع من هذه المركبات لتوضيح التركيب الكيميائي للبترول كما يلي:

(1) المركبات البرافينية

– هي مركبات هيدروكربونية تتكون جزيئاتها باتحاد الكربون والهدروجين فقط.

– قد تتصل فيها ذرات الكربون على هيئة سلاسل مستقيمة، أو على هيئة سلاسل متفرعةز

– هى مركبات مشبعة تخلو جزيئاتها من الروابط الثنائية أو الثلاثية غير المشبعة ولذلك فهى لا تدخل في كثير من التفاعلات الكيميائية.

– تعد قليلة النشاط، ولكنها سهلة التأكسد وتعطى عند احتراقها طاقة عالية.

– من أمثلة هذه المركبات الميثان والبروبان ،والبيوتان وهى غازات في درجات الحرارة العادية، ولكنها توجد ذائبة فى بقية الهيدروكربونات السائلة مثل البنتان الذي يحتوى جزيئه على خمس ذرات من الكربون إلى التراى ديكان الذي يحتوى جزيئه على ثلاث عشرة ذرة من ذرات الكربون.

    

– أما الهيدروكربونات البرافينية الأعلى من ذلك فهي مواد جامدة شمعية الملمس وتحتوى جزيئاتها على عدد أكبر من ذرات الكربون، يصل إلى نحو ثمان وعشرين ذرة في حالة الفازلين وشمع البرافين.

(2) المركبات الحلقية

هناك نوعان من هذه المركبات :

(أ) النفثينات

– هى عبارة عن مركبات هيدروكربونية تتصل فيها سلاسل ذرات الكربون على هيئة حلقات مشبعة وخالية من الرباطات غير المشبعة.

– من أمثلة هذه المركبات البنتان الحلقى (5 ذرات) والهكسان الحلقي (6 ذرات) وهما سوائل ودرجة غليانهما 49.2 ، 80.8 سلزيوس على الترتيب.

البترول - التركيب الكيميائي للبترول

– يطلق على مثل هذه المركبات الحلقية المشبعة ومشتقاتها اسم النفثينات.

(ب) المركبات الأروماتية

– هى عبارة عن هيدروكربونات حلقية توجد بحلقاتها روابط ثنائية وتتصف بصفاتها الأروماتية التي تميزها عن غيرها.

– توجد بعض هذه المركبات أحياناً في بعض أنواع البترول.

– تستخدم بعد فصلها في الصناعات البتروكيميائية لتحضير عدد كبير من المواد ولكنها توجد عادة بنسبة صغيرة تقل عن نسبة النفثينات.

– من أمثلة هذه المركبات البنزين أو النفثالين أو مركب ثنائي الفنيل. أما المركبات الأروماتية التى تتكون جزيئاتها من عدد أكبر من الحلقات مثل الأنثراسين والفينانثرين، فهى تدخل فى تركيب بعض المواد الأسفلتية. وقد توجد نسبة صغيرة منها في أحد المقطرات الثقيلة للبترول، وهو مقطر المازوت، كما في بعض الخامات المصرية.

التركيب الكيميائي للبترول

(3) المركبات الأوليفينية

– هي كذلك من نوع الهدر وكربونات ولكنها هيدروكربونات غير مشبعة.

– ومن أمثلتها الإثيلين والبروبيلين والبيوتيلين وهى توجد عادة بنسبة صغيرة في البترول الخام، ولكنها تتكون بكميات أكبر في أثناء عمليات تجهيز مقطرات البترول مثل عمليات الإصلاح أو عمليات التكسير الحرارى أو الحفزى، أو في أثناء تفحيم بعض المقطرات الثقيلة.

التركيب الكيميائي للبترول

– تتصف هذه المركبات غير المشبعة بنشاطها الكيميائي، ولذلك فإن لها أهمية خاصة في صناعة البتروكيميائيات.

(4) مركبات أخرى

– قد تحتوى بعض أنواع البترول على مركبات أخرى خلاف الهيدروكربونات بأنواعها السابقة.

– بعض هذه المركبات قد تحتوى جزيئاتها على ذرات عناصر أخرى مثل الأكسجين أو النتروجين أو الكبريت ولكنها لا توجد عادة إلا بنسبة صغيرة لا تزيد على %5 على الأكثر من وزن الخام.

(أ) مركبات الكبريت

– تختلف نسبة مركبات الكبريت الموجودة بالبترول من خام إلى آخر وقد تصل هذه النسبة في بعض الأحيان إلى نحو 3% من وزن الخام، وهى نسبة عالية ؛ لأن ذلك يعنى أن نسبة مركبات الكبريت في الخام قد تصل إلى أكثر من 30% بالوزن.

– قد يخلو البترول الخام من الكبريت كما في خام بنسلفانيا بالولايات المتحدة.

– لا تتوزع نسبة الكبريت توزيعاً متساوياً بين المقطرات الناتجة من تقطير البترول الخام، وذلك بسبب اختلاف درجات تطاير الأنواع المختلفة من مركبات الكبريت الموجودة بالخام.

– من أهم مركبات الكبريت التي يعم وجودها في البترول هي بعض مركبات المركبتان والثيوفين، بالإضافة إلى غاز كبريتيد الهدروجين وبعض الكبريت العنصري.

(ب) مركبات النيتروجين

– قد تخلو بعض أنواع البترول الخام تماماً من مركبات النتروجين ولكنها قد توجد بنسبة صغيرة في بعض الأنواع الأخرى من الخام.

– يلاحظ أن أغلب مركبات النتروجين لا تتحمل درجات الحرارة العالية، ولهذا فهي تنحل في بعض الأحيان في أثناء عمليات التكرير المختلفة.

– أهم مركبات النتروجين التي قد توجد في البترول هي بعض مشتقات البيريدين والكينولين، وكذلك مشتقات البيرول والإندول.

– يؤدى وجود هذه المركبات في مقطرات البترول إلى تكوين مواد صمغية وراتينجات. وخاصة في أثناء تخزين هذه المقطرات كما تؤدى إلى تغير لونها وتغير رائحتها. وذلك بسبب عدم ثبات هذه المركبات وسهولة تأكسدها.

– يلاحظ كذلك أن وجود مركبات النتروجين فى البترول، يقلل كثيراً من كفاءة عوامل الحفز المستخدمة في عمليات التكرير.

البترول - التركيب الكيميائي للبترول

(جـ) مركبات الأكسجين

– تحتوى بعض أنواع البترول الخام على قليل من مركبات الأكسجين، ولكن بعض هذه المركبات قد يتكون في أثناء عمليات التكرير، مثل بعض الفينولات وبعض الأحماض النفثينية وغيرها التي تتكون أحياناً في عمليات التكسير الحرارى للمقطرات المتوسطة والثقيلة للبترول.

– تتركز مركبات الأكسجين بصفة عامة في الأجزاء الثقيلة التي تتبقى من عمليات التقطير، حيث تدخل فى تركيب المواد الأسفلتية والراتينجات.

(5) مكونات معدنية

– تحتوى أغلب أنواع البترول على بعض المكونات المعدنية، وهي تظهر بوضوح في الرماد الذى يتخلف عن حرق الخامات البترولية، وبخاصة الثقيلة منها.

– يحتوى هذا الرماد على أنواع مختلفة من الفلزات، أهمها الحديد، والكالسيوم والمغنسيوم والنيكل، والفانديوم.

– وهى قد تنشأ من بعض الأملاح الذائبة في الماء المصاحب للبترول الخام عند استخراجه من باطن الأرض

– أو قد تنشأ من بعض الشوائب التي قد تختلط بمنتجات البترول في أثناء عمليات التقطير والتكرير .

– يفضل دائماً التخلص من هذه المواد المعدنية قبل تكرير الخام؛ لأنها تؤدى إلى الإضرار بالأفران وبالأجهزة الأخرى. بالإضافة إلى ذلك أنها تقلل من كفاءة عوامل الحفز المستخدمة في عمليات التكرير .

تصنيف خامات البترول

– يتضح مما سبق تعدد المواد الداخلة في تركيب البترول الخام، ولذلك يصعب تصنيف أنواع البترول في مجموعات محددة متشابهة الخواص، ولكنها تصنف أحياناً تبعاً لنوع المركبات الغالب في تركيبها كما يلي:

(1) زيوت برافينية الأساس

– هي الزيوت التي تتكون بنسبة عالية من بعض الهيدروكربونات المشبعة ذات السلاسل الكربونية المستقيمة أو المتفرعة.

(2) زيوت نفثينية الأساس

– هي الزيوت التي تزيد فيها نسبة الهيدروكربونات الحلقية المشبعة من نوع النفثينات على نسبة غيرها من المركبات.

(3) زيوت أسفلتية الأساس

– هي زيوت توجد بها نسبة عالية من المواد الأسفلتية.

(4) زيوت مختلطة

– هي الزيوت التي توجد بها نسب متغايرة من كل المركبات السابقة مختلطة معاً بحيث لا يمكن تصنيفها تحت أى قسم من الأقسام السابقة.

– يعتمد هذا التقسيم على نسبة المواد الشمعية التي توجد في الجزء الثقيل الذي يتبقى عند تقطير الخام تحت الضغط الجوى المعتاد.

– فإذا كانت نسبة المواد الشمعية فى هذا الجزء كبيرة إلى حد ما قيل أن الخام برافيني الأساس.

– أما إذا كانت نسبة هذه المواد قليلة في هذا الجزء، قيل أن الخام أسفلتي الأساس.

– يلاحظ أن أغلب أنواع البترول من النوع المتوسط بين هذين النوعين.

– استخدمت طريقة أخرى لتصنيف الأنواع المختلفة من البترول تعتمد على تقدير كثافة قطفة خاصة من قطفات الخام. ومن المعروف أن كثافة المواد البترولية التي تغلى عند درجات حرارة متقاربة تزداد من البرافينات إلى النفثينات إلى المركبات الأروماتية.

– تؤخذ في هذه الطريقة قطفة من الكيروسين تقع درجة غليانها بين 250 ، 270 سلزیوس تحت الضغط الجوى المعتاد ثم تقاس كثافتها، فإذا كانت:

  • كثافة هذه القطفة 0.825 أو أقل من ذلك، اعتبر الخام برافيني الأساس.
  • أما إذا كانت كثافتها 0.860 أو أكثر من ذلك اعتبر الخام نفثيني الأساس.

– هذا النوع من التصنيف لا يرضى المشتغلون بصناعة البترول. فهم يفضلون الحصول على بيانات أخرى تدل على نوعية الخام مثل نسبة المقطرات المختلفة الناتجة من تقطيره مثل الجازولين والكيروسين ونسبة ما به من كبريت أو مواد أسفلتية، إلى غير ذلك من البيانات التى تعطى صورة واضحة عن صفات الخام وعن قيمته الاقتصادية.

 

المراجع 

– كتاب الصناعات الكيميائية – الجزء الثالث – البترول والكيمياويات، الصابون الممظفات الصناعية ، المطاط – د/ أحمد مدحت عبد السلام – القاهرة – دار الفكر العربي – الطبعة الأولى 1997.

– أسس الكيمياء الصناعية – د/ محمد مجدى واصل – القاهرة – دار الفجر للنشر والتوزيع – الطبعة الأولى 2005.

– الكيمياء الصناعية – الجزء الثاني – تكنولوجيا الصناعات الكيميائية العضوية – د/ طارق إسماعيل كاخيا – الطبعة الأولى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *