فى هذا الموضوع سوف نتكلم بالتفصيل عن خطر المواد المشعة والآثار الناجمة عن التعرض لها
أولاً: اكتشاف المواد المشعة
– في عام 1895 اكتشف الفيزيائي الفرنسي بيكربل Becquerel أن أملاح اليورانيوم تنبعث منها إشعاعات تؤثر في اللوحة الفوتوغرافية.
– اهتمت مدام كوري وزوجها بهذه الظاهرة وقاموا بتجارب عدة على معدن البتشيلند pitchblende وهو أحد خامات اليورانيوم، وتمكنا من اكتشاف وفصل عنصرين هامين من هذا الخام وهو الراديوم والبوليونيوم.
– سميت المواد التي تنبعث منها هذه الإشعاعات بالمواد ذات النشاط الإشعاعي، وينبعث من هذه المواد ثلاث أنواع من الإشعاعات سميت بالحروف الأولى من أحرف الهجاء اليونانية وهي (الفا – بيتا- جاما) وهذه الإشعاعات تختلف في خواصها وقوة نفاذها
– يتعرض الإنسان خلال حياته اليومية لنوعين من هذه الإشعاعات: الإشعاعات المؤينة والإشعاعات غير المؤينة
ثانياً: أنواع الأشعاعات المنطلقة من المواد المشعة
يوجد نوعين من الإشعاعات: الإشعاعات المؤينة والإشعاعات غير المؤينة
(أ) الأشعاعات غير المؤينة
– هي مثل الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية والضوء والحرارة.
– الفرق بين الإشعاعات المؤينة ( النووية) وغير المؤينة هو أن الإشعاعات المؤينة لها القدرة على إحداث تغييرات ويمكن أن تظهر هذه التغيرات في جسم الإنسان كآثار مرضية
(ب) الإشعاعات المؤينة
– الإشعاع المؤين هو نوع من الطاقة تُطْلِقه ذرات معينة وينتقل على هيئة موجات كهرومغناطيسية (أشعة غاما أو الأشعة السينية) أو على هيئة جسيمات (نيترونات بيتا أو ألفا). ويسمى هذا التفكك التلقائي للذرات النشاط الإشعاعي، وتُعتبر الطاقة الزائدة المنبعثة أثناء هذا التفكك شكلاً من أشكال الإشعاع المؤين.
– يُطلَق على العناصر غير المستقرة التي تتفكك وتنبعث منها الإشعاعات المؤينة اسم النويدات المُشِعَّة.
– تُحدَّد الصفات الفريدة لجميع النويدات المُشِعَّة حسب نوع الإشعاعات المنبعثة منها وطاقة تلك الإشعاعات وعمرها النصفي.
– هناك عدة أنواع شائعة للأشعاعات المؤينة التي تُطلقها العناصر أو المركبات وهي كالآتي:
(1) إشعاعات جسيمات الفا- Alpha Particles
– هي جسيمات ثقيلة مشحونة كهربائياً بشحنة موجبة تتحرك في خط مستقيم.
– تنبعث عن ذرات العناصر الثقيلة مثل الراديوم واليورانيوم.
– ذات قدرة محدودة على اختراق الحواجز ومنها سطح جلد الإنسان ويمكن إيقافها كلياً بواسطة قطعة من الورق.
– ليس لها أضرار خارجية على انه إذا دخلت داخل الجسم سواء عن طريق التنفس أو تناول الطعام أو الشراب فإن آثارها الضارة تبدأ، وتمثل بذلك خطراً إشعاعياً لا يستهان به.
(2) إشعاعات جسيمات بيتا- Beta Particles
– هي عبارة عن الكترونات ذات شحنة سالبة
– قدرتها أعلى من إشعاعات ألفا على اختراق الموانع
– لها القدرة على اختراق أنسجة جسم الإنسان ومواد أخرى وأكبر قدرة من أشعة ألفا بألف مرة وأسرع بثمان مرات.
(3) إشعاعات جاما- Gamma Particles
– تعتبر هذه الإشعاعات خطيرة جداً على جسم الإنسان، أي أنها اخطر من إشعاعات الفا وبيتا لقدرتها الكبيرة على اختراق أنسجة جسم الإنسان، والمواد الأخرى من مسافة بعيدة.
– لمنع اختراق هذه الأشعة يعتبر معدن الرصاص اقدر معدن على اضعاف إشعاعات جاما.
(4) الأشعة السينية
– هي عبارة عن موجات كهرومغناطيسية ذات طول موجي قصير نتيجة تعجيل الجسيمات (الإلكترونات) أو انتقال إلكترون من مستوى عالي جداً إلى مستوى أقل.
– لهذه الأشعة القدرة التي تفوق أشعة جاما في اختراق جسم الإنسان والمواد.
– هي الأكثر تطوراً وأكثر الأنواع استعمالاً في مجالات الطب.
– الحماية منها باستخدام دروع واقية سميكة من مادة ذات كثافة عالية من الرصاص.
مقارنة بين أشعاعات ألفا وبيتا وجاما
ثالثاُ: مصادر الإشعاعات
(أ) مصادر طبيعية
– يتعرض الناس للإشعاع الطبيعي يومياً. ويأتي الإشعاع الطبيعي من مصادر عديدة بما فيها أكثر من 60 مادة مشعة طبيعية المنشأ وموجودة في التربة والماء والهواء.
– الرادون غاز طبيعي المنشأ ينطلق من الصخور والتربة، وهو المصدر الرئيسي للإشعاع الطبيعي. ويتعرض الناس كل يوم للنويدات المشعة عن طريق استنشاقه وابتلاعه من الهواء والغذاء والماء.
– يتعرض الناس للإشعاع الطبيعي أيضاً عن طريق الأشعة الكونية.
– تآكل طبقة الأوزون يزيد من خطورة هذه الأشعة على الإنسان.
(ب) مصادر صناعية
– أجهزة تشخيص وعلاج بعض الأمراض.
– وأجهزة الكشف عن الحقائب في المنافذ الجمركية.
– أجهزة الإنذار: أجهزة كشف الدخان والحرارة
– التسرب من المفاعلات النووية نتيجة خطأ بشري
– التفجير والتجارب النووية والحروب.
– تواجد الإنسان بالقرب من أماكن تخزين نفايات مشعة.
– الحوادث المختبرية.
رابعاً: انتقال التلوث الإشعاعي
– يعتبر الانتشار الجوي من أهم عوامل انتقال المواد المشعة نتيجة الحوادث أو قرب المنشآت النووية من الحدود الإقليمية والدول المجاورة، والذي يؤثر مباشرة على الإنسان نتيجة الهواء الملوث بالإشعاع وتساقط الغبار الذري على الأرض ومصادر المياه ويترتب على ذلك تلوث المواد الغذائية والمياه بالموارد المشعة المؤثرة على صحة الإنسان.
– هناك العديد من العوامل غير المباشرة لانتقال المواد المشعة إلى الإنسان نتيجة تلوث البيئة بالملوثات الإشعاعية، وتركيزها في المواد الغذائية أو في الأنهار ومناطق صرف المياه.
خامساً: أنواع التعرض الإشعاعي
– قد يكون التعرض للإشعاع داخلياً أو خارجياً وقد يحدث عبر مجموعة متنوعة من مسارات التعرض الإشعاعي.
(أ) التعرض الداخلي للإشعاع المؤين
– يحدث عند استنشاق أو بلع النويدات المشعة أو دخولها إلى مجرى الدم (عن طريق الحقن أو الجروح مثلاً).
– تنتهي حالة التعرض الداخلي عند تخلص الجسم من تلك النويدات المشعة إما تلقائياً (عن طريق الفضلات مثلاً) أو نتيجة لتلقي نوع من العلاج.
(ب) التعرض الخارجي للإشعاع المؤين
– قد يحدث عند تَعَلُّق المواد المشعة التي تنتقل عن طريق الهواء (مثل الغبار أو السوائل أو الهباء) بالجلد أو الملابس.
– غالباً ما يسهل إزالة هذا النوع من المواد المشعة من على الجسم عن طريق الغسل.
– قد يكون التعرض للإشعاع المؤين ناتجاً أيضاً عن التشعيع الخارجي (كما في حالة التعرض للأشعة السينية في المرافق الطبية). ويتوقف التشعيع الخارجي عندما يُحجَب مصدر الإشعاع أو عندما يخرج الشخص من مجال الإشعاع.
سادساً: قياس النشاط الإشعاعي
– يعتبر عداد جيجر من الأجهزة المستخدمة للتعرف على مصدر وجود المادة المشعة وهذا الجهاز مفيد جداً وخاصةً لرجال الإطفاء والدفاع المدني، والجنود لتحديد النشاط الإشعاعي.
– يعمل هذا الجهاز على هيئة نبض أو صوت منبه.
– يعطى عداد جيجر قراءة دقيقة لجرعة الإشعاع المقاسة ويمكن بواسطتها حساب النشاط الإشعاعي للعينة المشعة.
– البيكريل becquerel هي وحدة النشاط الإشعاعي ويرمز لها بالاختصار Bq . يعرف 1 بيكريل بأنه كمية الإشعاع الصادرة من مادة مشعة تتحلل فيها نواة واحدة في الثانية.
– إذا كان لدينا كمية من نظير مشع مقدارها m(جرام) وكانت كتلته الذرية ma (جرام/مول) وكان عمر النصف له t1/2 (بالثانية) فيمكن حساب نشاطه الإشعاعي بالمعادلة:
سابعاً: علامات وملصقات المواد المشعة
توجد هذة الملصقات والعلامات على المواد المشعة فى عمليات نقل وتداول وتخزين المواد المشعة.
ثامناً: الآثار الصحية للمواد المشعة
(1) يتوقف الضرر على الجرعة الإشعاعية
– يعتمد نوع الضرر الذي يُحتمل أن ينتج عن الجرعة الممتَصة على نوع الإشعاع وعلى درجة حساسية الأنسجة أو الأعضاء المختلفة.
– جراي (Gray): وحدة قياس الجرعة الإشعاعية من الأشعة المؤينة الممتصة، وتعكس كمية الطاقة التي أودعت في 1 كيلوجرام من الجسم الحي أو المادة.
(2) وحدة قياس مستوى الضرر
– يأخذ السيفرت في الحسبان نوع الإشعاع ودرجة حساسية الأنسجة والأعضاء.
– نظراً لضخامة وحدة السيفرت يكون من الأجدى استخدام وحدات أصغر مثل المِلّي سيفرت (mSv) أو الميكروسيفرت (μSv). ويحتوي الملي سيفرت الواحد على ألف ميكروسيفرت، والسيفرت الواحد على ألف ملي سيفرت.
– بالإضافة إلى أهمية قياس كمية الإشعاع (الجرعة) يكون من المفيد في أغلب الأحيان قياس معدل تعرض الشخص لهذه الجرعة (معدل الجرعة)، مثل الميكروسيفرت/ الساعة أو الملي سيفرت/ السنة.
(3) الآثار الجانبية للتعرض للأشعاع
– يمكن للإشعاع إذا تَعدَّى حدوداً معينة أن يُضعف وظائف الأنسجة و/ أو الأعضاء وأن يؤدي إلى آثار حادة مثل احمرار الجلد وفقدان الشعر والحروق الإشعاعية ومتلازمة الإشعاع الحادة.
– كلما زادت كمية الجرعات وارتفع معدل الجرعات زادت حدة الآثار. على سبيل المثال فإن الجرعة الحدية لمتلازمة
الإشعاع الحادة هي حوالي 1 سيفرت (1000 ميللي سيفرت).
(4) تلف الخلايا
– يزداد احتمال أن تنجح الخلايا التالفة في إصلاح نفسها في حالة انخفاض الجرعة التي يتلقاها الإنسان أو تعرضه لها على مدى فترة زمنية طويلة (انخفاض معدل الجرعة).
– لكن هناك احتمال أن تحدث آثار طويلة الأجل أيضاً إذا كانت هناك أخطاء في عملية إصلاح الخلايا التالفة، فتحولت تلك الخلايا إلى خلايا مشعة لا تزال قادرة على الانقسام. وقد يؤدي هذا التحول إلى إصابة الإنسان بالسرطان بعد مرور سنوات أو حتى عقود. وليس بالضرورة أن تحدث هذه التأثيرات، على الرغم من أن احتمال حدوثها يتناسب طردياً مع الجرعة الإشعاعية.
– ويشكل الأطفال والمراهقون الفئة الأكثر عرضة للخطر لأنهم أكثر حساسية للتعرض الإشعاعي بكثير من البالغين.
(5) خطر الإصابة بالسرطان
(6) التأثيرات الوراثية
– هي التي تنتج عن التلف في الخلايا التناسلية ويحدث تغير بالطفرات الوراثية في المادة الوراثية للخلية، ومازال سكان مدينتي هيروشيما ونيازاكي، يعانون من أثر القنبلة الذرية التي ألقيت عليهم، وذلك بحدوث تشوهات في الأجنة.
– قد يسبب تعرض الأم قبل الولادة للإشعاع المؤين تلفاً في مخ الجنين، وذلك عقب تعرضها لجرعة حادة تتجاوز 100 ملي سيفرت في الفترة ما بين الأسبوع الثامن والخامس عشر من الحمل و200 ملي سيفرت في الفترة ما بين الأسبوع السادس عشر والخامس والعشرين من الحمل. ولم تُظهِر دراسات أُجريت على الإنسان أي احتمال لتأثير التعرض الإشعاعي على نمو مخ الجنين في الفترة السابقة للأسبوع الثامن أو التالية للأسبوع الخامس والعشرين من الحمل.
– تشير الدراسات الوبائية إلى أن مخاطر الإصابة بالسرطان بعد تعرض الجنين للإشعاع لا تختلف عن المخاطر الناجمة عن التعرض للإشعاع في مرحلة الطفولة المبكرة.
تاسعاً: الحماية من خطر المواد المشعة
يتعرض الإنسان إلى نوعين من الخطورة، وهو (خطر الإشعاعي الداخلي، وخطر الإشعاع الخارجي):
(أ) الحماية من الإشعاع الداخلي
– الحماية والوقائية من الإشعاع الداخلي، تتمثل في منع دخول جزيئات أو غبار محمل بمادة مشعة إلى داخل الجسم ، عن طريق التنفس أو تناول أغذية أو مياه ملوثة، أو عن طريق جروح خارجية في جلد الإنسان.
– تشمل الحماية الشخصية في ارتداء الملابس الواقية مثل أجهزة التنفس مجهزة بمرشحات توضع على الوجه ، أحذية واقية ، قفازات وملابس واقية والامتناع عن تناول الأطعمة أو شرب المياه الملوثة.
(ب) الحماية الإشعاع الخارجي
– يتعرض الإنسان للإشعاع الخارجي نتيجة اختراق الأشعة مباشرة إلى جسم الإنسان من المصادر المشعة.
– الحماية من الإشعاع الخارجي تعتمد على العوامل التالية:
(1) المسافة /Distance
كلما كانت المسافة بين المصدر وجسم الإنسان بعيدة تقل الخطورة وتزداد درجة الأمان، وكلما قرب الإنسان من المصدر ازداد المعدل بشكل ملحوظ ، وازدادت الخطورة.
(2) التغليف/ :Shielding
(3) عامل الوقت/ Time
عاشراً: التدابير اللازمة لردع أخطار الإشعاع
(1) الإعداد لمواجهة الحادثة
(2) إنشاء شبكة الرصد
(3) الإنذار المبكر
الإنذار المبكر له دور مهم وأساسي لمواجهة أي خطر، ولاتخاذ الإجراءات الاحترازية والاستعدادات الوقائية لحماية الناس، وغالباً ما يقع الحادث من غير أن تكون هناك فرص كافية للإنذار المبكر وتكون فترة الإبلاغ قصيرة، مما يؤثر على مرحلة الاستعداد الوقائي.
(4) التخطيط
(6) التوعية الوقائية
(7) التمارين والتدريبات الوهمية
إن إعداد التمارين والتدريبات الوهمية المشتركة يرفع من درجة الاستعداد لمواجهة الحوادث والحالات الطارئة والقدرة على التنسيق بين الجهات الحكومة وغير الحكومية، والتغلب على جميع العوائق ووضع الحلول لها، لرفع درجة الاستعداد والتأهب لمواجهة الحالات الطارئ.
(8) التجهيزات
إن توفير الأجهزة والمعدات، الخاصة في التعامل مع المواد المشعة، له أهمية كبيرة في تقليل آثار الحادث وتؤمن تلك الأجهزة السلامة العامة لمن يباشر العمل في الأماكن التي تنشط فيها المواد المشعة، كرجال الدفاع المدني، والجنود، والعاملين في المنافذ والمطارات.