كان الاعتقاد السائد عند بعض الفيزيائيين فى القرن التاسع عشر بأن التركيب النظري للفيزياء الكلاسيكية هي العلم الذي نما قبل 1900 ويتضمن ميكانيكا نيوتن الكلاسيكية ونظرية ماكسويل فى الكهربائية والمغناطيسية والأشعة الكهرومغناطيسية والديناميكا الحرارية ونظرية الحركية للغازات.
ثم بعد ذلك أصبح العلم متكاملاً وبمقدوره إعطاء التفسير عن الظواهر الملحوظة ولكن فى الربع الأخير من هذا القرن، ظهرت نتائج عملية لم تتمكن نظريات الفيزياء الكلاسيكية من تفسيرها.
وهذه النتائج العملية كانت تتعلق بظواهر ذرية وجزيئية وقد حدا هذا الأمر آنذاك الباحثين إلى صياغة نظرية جديدة بإمكانها إعطاء تفسير مقبول منسجم مع النتائج العملية. هذه النظرية تسمي بنظرية الكم Quantum theory.
أخفقت الفيزياء الكلاسيكية فى تفسير المسائل المتعلقة بالظواهر الذرية والجزيئية وهي تتضمن :
أولاً: إشعاع الجسم الأسود
** أن المحاولات النظرية لاستنباط هذا السلوك ثانية كانت من قبل ألفين عام 1896 ورايلي عام 1900 ولم يحالفهما النجاح. حيث تمكن قين من اشتقاق معادلة ملائمة للنتائج عند الأطوال الموجبة القصيرة فى حين تمكن رايلي من الحصول على معادلة مناسبة عند الأطوال الموجية الكبيرة.
** وإن عدم وجود علاقة رياضية تلائم جميع الأطوال دفعت ماكس بلانك وذلك عام 1900 إلى اقتراح فرضية جديدة مفادها أن ذرات أو جزئيات الجسم الأسود يمكنها بعث أو امتصاص طاقة كهرومغناطيسية ذات تردد υ بمقادير معينة أو كميات والمقدار هنا هو υλ سمي بثابت بلانك فقط.
** فى حين وفقاً للفيزياء الكلاسيكية يفقد أو يكتسب النظام أية مقدار من الطاقة دون تحديد.
** وإذا رمزنا ΔE لتغير الطاقي فى ذرة الجسم الأسود نتيجة لانبعاث أشعة كهرومغناطيسية ذات التردد υ عندئذ يكون ΔE= υλ وتسمى ΔE أيضا بطاقة الكم energy of quantum أما ثابت بلانك h فيساوي 6.626x10-34 جول.ثانية، وباستخدام هذه الفرضية – فرضية بلانك – استطاع وضع تعبير رياضي للتوزيع الطاقي فى الجسم الأسود
حيث (R(υ هي دالة تمثل التوزيع الترددي لأشعة الجسم الأسود المنبعثة
K = ثابت بولتزمان
C = هي سرعة الضوء.
هذه العلاقة تمسي بقانون بلانك وهي تعطي نتيجة منسجمة بصورة جيدة مع التوزيع الطيفي الملحوظ لأشعة الجسم الأسود. والشكل التالي يبين ملائمة محاولة بلانك النظرية مع النتيجة العملية المبينة فى الشكل السابق بعكس محاولة رايلي.
ثانياً: ظاهرة التأثير الكهروضوئي
ثانياً: زيادة شدة الضوء الساقط سيزيد من عدد الإلكترونات المنبعثة ولكنها لا تؤثر فى الطاقة الحركية للإلكترونات المنبعثة.
ثالثاً: زيادة تردد الضوء الساقط سيزيد الطاقة الحركية للإلكترونات المنبعثة ، كما أن ملاحظات لينارد على التأثير الكهروضوئي لا يمكن فهمهما باستخدام الصورة الكلاسيكية للضوء التى تعتبره على أساس أنه موجة wave.
ثالثاً: الخطوط الطيفية الذرية
** عندما نضع غاز الهيدروجين في أنبوبة تحت ضغط مخلخل وتخضعه لتفريغ عالي الفولتية فسوف ينبعث ضوء وعند مروره خلال منشور فسوف يتجزأ إلى سلسلة من الخطوط الطيفية كل منهما مرتبط بطول موجي أو تردد مختلف.
** ولم تتمكن النظرية الكلاسيكية من إعطاء قيم مضبوطة لترددات الخطوط الطيفية أو حتى قيم قريبة منها.
** وخلال الفترة من 1885 إلى 1910 توصل بالمر Balmer وريدبيرج Rydberg إلى إيجاد علاقة تجريبية تعطي الترددات المضبوطة لخطوط طيف الهيدروجين.
** ولم يوجد تفسير لهذه العلاقة التجريبية إلى أن جاء بوهر عام 1913 وبين أن انبعاث ترددات معينة من الضوء من ذرات الهيدروجين يشير إلى أن ذرة الهيدروجين موجودة فقط فى حالات طاقية معينة. وبذلك فقد افترض بوهر الفروض الآتية :
(1) إن طاقة الهيدروجين توجد بشكل كمات، أي أن الذرة تتخذ طاقات منفصلة معينة فقط E3 , E2 , E1 , ……… وقد سمى بوهر هذه الحالات المسموحة ذات الطاقة الثابتة بالحالات المستقرة stationary states للذرة (ولا يقصد بهذا التعبير على أن الإلكترون يكون عند سكون فى الحالة المستقرة).
(2) لا تنبعث من الذرة فى حالتها المستقرة أشعة كهرومغناطيسية.
(3) إذا حدث انتقال إلكترون من حالتها المستقرة Ea إلى أخري أقل طاقياً Eb فإن تردد الضوء المنبعث υ يعطى حسب قانون حفظ الطاقة:
وبصورة مشابهة يحدث انتقال إلكترون من حالة طاقية واطئة إلى أخرى أعلى طاقياً وذلك بامتصاص ضوء تردده معطى بالمعادلة (5-4) والآن عند ربط معادلتي (3) ، (4) نحصل على :
وهذه المعادلة تشير بقوة إلى ان طاقات الحالات المستقرة لذرة الهيدروجين التى تعطي بــ :
ووفقاً للميكانيكا الكلاسيكية تعتمد الطاقة على نصف قطر المدار، وطالما أن الطاقة هي مكممة (أى موجودة بشكل مضاعفات لـ كم ثابت) لذا يوجد فقط مدارات معينة مسموحة وقد استخدم بوهر فرضية أخري لاختيار المدارات المسموحة.
(5) أن المدارات المسموحة هي تلك التى تكون لها عزم الإلكترون الزاوي :
حيث أن: π2/h=ђ
m ، v هما كتله وسرعة الإلكترون
r هو نصف قطر المدار
…… ,n = 1,2,3,4
ومع هذه الفرضيات تمكن بوهر من اشتقاق التعبير التالي لمستويات الطاقة فى ذرة الهيدروجين
حيث e شحنة الإلكترون وعند مقارنة معادلتي (6)، (7) ينتج لنا :
وعند التعويض عن قيم m ، e ، h ، c فإننا سنحصل على قيمة ثابت ويدبيرج R منسجمة مع قيمته التجريبية (العملية) وهو دليل على أن بوهر قد أعطي مستويات طاقته مضبوطة لذرة الهيدروجين.