قصة اكتشاف ظاهرة الإشعاع النووي والمواد المشعة




قصة اكتشاف ظاهرة الإشعاع النووي والمواد المشعة




قبل البدء فى موضوع اليوم دعونا نتطرق أولا إلي تعريف علم الكيمياء النووية ومالفرق بين التفاعل الكيميائي والتفاعل النووي

   الكيمياء النووية 

هو أحد فروع الكيمياء الذي يتعامل مع الفعالية الإشعاعية radioactivity والعمليات النووية والخواص النووية ، وتعرف الكيمياء النووية بأنها التفاعلات التي تحدث نتيجة تغير في أنوية الذرات. ويهتم علم الكيمياء النووية بدراسة تركيب النواة وطبيعة الجسيمات الأساسية المكونة لها، وكيف يؤثر هذا التركيب على ثباتها، وبالتالي فهو العلم الذي يهتم بدراسة الظواهر التي تؤدي إلى تغير تركيب النواة سواء بعمليات الإشعاع الطبيعية .. أو بعمليات التغير الصناعية.

الفرق بين التفاعل الكيميائي والتفاعل النووي 

  التفاعل الكيميائي هو إعادة ترتيب للذرات دون المساس بصفاتها ، ويتضمن تكسير روابط كيميائية وتكوين أخرى جديدة ، كما ويتضمن التفاعل الكيميائي في الغالب انتقال إلكترونات بين المواد المتفاعلة دون أن يحدث تغير على النواة ، ودون أن تتكون ذرات جديدة . ويمكن ملاحظة ذلك من خلال تفاعل الهيدروجين مع الأكسجين لتكوين الماء 
قصة اكتشاف ظاهرة الإشعاع النووي والمواد المشعة
  حيث أن التفاعل الكيميائي السابق لم ينتج عناصر جديدة ، فعنصري الهيدروجين والأكسجين الموجودين على يسار التفاعل بقيا موجودين على يمين التفاعل ولكن الاختلاف بين المتفاعلات والنواتج هو تكسر الرابطة بين ذرتي الهيدروجين وتكسر الرابطة بين ذرتي الأكسجين ، وتكونت روابط جديدة بين ذرات الهيدروجين والأكسجين ، ويتضمن التفاعل الكيميائي طاقة قليلة.

  أما التفاعل النووي فيتضمن تغيراً في نواة الذرة ، وينتج عنه تكون عناصر جديدة ، كما تنتج عنه كمية عالية جدا ً من الطاقة ، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال التفاعل النووي التالي :

قصة اكتشاف ظاهرة الإشعاع النووي والمواد المشعة

  لاحظ أن التفاعل السابق قد تضمن تحول عنصر الراديوم ( Ra ) إلى عنصر جديد هو الرادون ( Rn ) ، وظهر مع النواتج عنصر ثان هو الهيليوم ( He ) .


   أما فى هذا الموضوع سوف نتناول بإذن الله تعالى كيف تم أكتشاف ظاهرة الإشعاع النووى والمواد المشعة وسوف نوضح بالتدريج مساهمة العلماء فى ظهور هذا القسم من الكيمياء الذى أحدث ثورة علمية فى مجال الكيمياء 

أكتشاف ظاهرة الإشعاع النووى والمواد المشعة :

1- راذرفورد 

  بعد أن قدم راذرفورد تجربته الشهيرة لدراسة تأثير دقائق ألفا على صفائح المعادن ، وكان من أهم الاستنتاجات التي وضعها هي: أن الجسيمات موجبة الشحنة تتجمع في جزء صغير من الذرة وهو النواة، وفيها أيضا تتجمع كتلة الذرة أي أن تجربته وضعت التصور الأول للنموذج النووي لتركيب الذرة، حيث كانت هذه التجربة خطوة مهمة في تطوير هذا العلم .



2-العالم : هنري بيكريل 

  اكتشف العالم الفرنسي هنري بيكريل H. Becquerel عام 1895م أن أملاح اليورانيوم تبعث إشعاعات تؤثر على الألواح الفوتوغرافية المغلفة، وقد ظن في البداية أنها هي نفسها الإشعاعات التي اكتشفها العالم الألماني روتنجن Rotingen والتي سميت الأشعة السينية x-rays ولكنه لاحظ أن الإشعاعات التي تنطلق من أملاح اليورانيوم ذات قدرة عالية على الاختراق ( تفوق قدرة الأشعة السينية) وأن هذه الظاهرة تحدث تلقائيا دون وجود مثير أو مستحث (مؤثر) خارجي مثل: (ضوء الشمس مثلا)، كما أكد أن إشعاعات مشابهة تصدر من جميع أملاح اليورانيوم بغض النظر عن التركيب الكيميائي للملح وأن مركبات الثوريوم تعطي ظاهرة مشابهة.

3- الزوجان بيير وماري كوري 

  وفي عام 1889م بدأ الزوجان بيير وماري كوري Pierre and Marie Curie أبحاثهما في هذا المجال، والتي مبنية على أساس ملاحظة أن بعض الخامات الطبيعية لليورانيوم ( مثل البتشبلند) لها خواص إشعاعية أقوى من اليورانيوم النقي نفسه. وقد استنتجا من هذه الحقيقة أن هذه الخامات ربما تحتوي على عناصر أخرى غير اليورانيوم لها خاصية الإشعاع. حيث عملا جهود مضنية لاستخلاص الكميات الضئيلة الموجودة في خام البتشبلند من عنصري البولونيوم Po84 والراديوم Ra88 وهما عنصران ذوي قدرة كبيرة على الإشعاع تفوق قدرة اليورانيوم، ومن هنا كانت الخاصية إشعاعية القوية للبتشبلند وهي خامة سوداء اللون تحتوي على أكسيد اليورانيوم U3O8 بنسبة 75%.

  وكان من أهم أعمال ماري كوري فصلها لمقدار 100 ملليجرام من كلوريد الراديوم بصورة نقية ( حسب أحدث ما توصلت إليه القياسات الطيفية في ذلك الوقت)، وعينت الوزن الذري له بقيمة 226.5 ( بفارق 0.2 عن القيمة المعينة في الوقت الحاضر) كما استطاعت أن تحضر أول عينة نقية من فلز الراديوم من التحليل الكهربي لمصهور ملحه.

4- راذرفورد

  وفي الأعوام التي تلت عام 1909م، قدم راذرفورد Rutherford E. مساهمات مهمة في هذا المجال حين استخدم الطرق الطيفية لتعيين طبيعة الجسيمات ألفا وأكد أنها عبارة عن أنبوبة الهيليوم وأن جسيمات بيتا تتصرف على نحو مماثل لجسيمات أشعة المهبط التي عرفها طومسون Tohmson بأنها عبارة عن إلكترونات أو جسيمات تحمل شحنة سالبة في الذرات ، والتي تتشابه في طبيعتها في جميع الذرات.

5-العالمان فاجان وسودي

   وبين العامين 1911م و 1913م قدم العلمان فاجان وسودي K.Fajan and F. Soody أوراقهما البحثية الخاصة بدراسة عمليات الانحلال الإشعاعي لعنصري اليورانيوم والثوريوم حيث أوضحا فيها أن عملية الانحلال تتضمن تحولا في النواة يؤدي إلى تكوين عنصر جديد من العنصر المنحل. وأن الانحلال بفقد جسيمات ألفا يؤدي إلى تناقص في العدد الذري بمقدار وحدتين، بينما يؤدي انحلال بيتا إلى زيادة في العدد الذري بمقدار وحدة واحدة.

6- العالم جيمس شادويك

  وقد شهد العام 1932م حدثا مهما تمثل في اكتشاف جادويك J. Chadwick لوجود النيوترون الذي انطلق من نواة البريليوم بعد قذفها بجسيمات ألفا ذات الطاقة العالية جداً
قصة اكتشاف ظاهرة الإشعاع النووي والمواد المشعة
وكان لاكتشاف النيترون دور هام في تطوير إمكانيات إجراء تفاعلات نووية عديدة، لأنه جسيم غير مشحون وهو قادر على اختراق النواة دون الحاجة لإكسابه طاقة عالية، وقد ساهمت هذه التفاعلات النووية في فهم الكثير عن طبيعة التركيب النووي.

7- أيرين كيوري

   وفي العام 1934م أوضحت أيرين كيوري ( إبنة بيير وماري كيوري) من خلال عملها المشترك مع زوجها فريدريك كيوري I. and F. J. Curie أن قذف البورون والألومنيوم بأشعة ألفا سوف يؤدي إلى ظهور خواص إشعاعية لهما. وكان هذا كشفا هاما لإمكانية تحويل النواة لتصبح مشعة بشكل صناعي كما نتج عن تجاربهما اكتشاف جسيم البوزترون positron : وهو جسيم له خصائص تشبه خصائص الإلكترون ولكن بشحنة موجبة. وكان قد تم اكتشاف البوزترون قبل ذلك كأحد مكونات الإشعاع الكوني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *